الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، فهو أحد الأعمدة الخمسة، غير أنه لمن استطاع إليه سبيلا، وللحج عشرة (10) مناسك، والمناسك في الحج تنقسم إلى ثلاثة أقسام، وهي: 1- الأركان و2- الواجبات و3- السنن للحج، والأركان إذا سقط منها ركن؛ بطل الحج وسقط، وأما الواجبات، فهي واجبات الأعمال في أركان الحج الأربعة، والتي لو ترك أحدها أثناء تأدية أحد أركان الحج، لوجب على تاركه دم أو صيام عشرة أيام إن عجز عن الدم، وأما السنن، فهي الأعمال التي فيها من الأجر الكثير أثناء أداء الأركان أيضا، لكن إن تركها الحاج لا يجب عليه فيها دم، ولكل ركن من أركان الحج شروط وهي عبارة عن الواجبات والسنن والآداب.
إذاً فمناسك الحج عشرة في المجمل، وهي:
وقبل أن نشرع في شرح هذه المناسك، يجب التمييز بين ثلاثة طرق رئيسية لأداء منسك الحج، وهي:
- الإفراد: ومعناه أن يلبي الحاج بالحج مفرداً، فيقول «لبيك اللهم لبيك حجا».
- التمتع: ومعناه أن يلبي الحاج بالعمرة فيقول «لبيك اللهم لبيك عمرة» إذا كان قبل الحج ثم حج إذا كان بعد رمضان ونيته البقاء حتى الحج.
- القران: ومعناه أن يلبي الحاج بالعمرة والحج فيقول «لبيك اللهم لبيك حجا وعمرة».
وفي السطور القادمة يتناول موقع «ثقفني» مناسك الحج بالترتيب كل على حده.
أولاً: الإحرام
الإحرام هو نية الدخول في أحد النسكين، سواء كان نسك الحج أو نسك العمرة، وهو في الإثنين ركن ركين لا يصلحان إلا به.
وتبدأ مناسك الحج من الإحرام من الميقات المكاني، وهو عبارة عن إعلان النية للحج، وكل دولة أو منطقة ولها ميقاتها المكاني الذي تحرم منه، وهناك باب مخصوص اسمه مواقيت الإحرام المكانية.
والإحرام أنواع، فهناك إحرام الإفراد، ويسمى المحرم به مفردا كما أسلفنا، وهناك إحرام القران، وهذا عليه هدي إن كان المحرم من غير أهل مكة، وهناك إحرام التمتع، ويسمى المحرم به متمتعا، وطريقته هي أن يحرم الحاج بالعمرة في أشهر الحج من ميقات بلده، ويدخل مكة، ثم يفرغ من أعمال العمرة، ويحل له كل ما كان محظورا عليه بسبب الإحرام، ثم ينشئ الحج من مكة، ويحرم للحج، والمتمتع عليه هدي إن كان من غير أهل مكة، وذلك لقوله تعالى (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام).
ملحوظة: إذا كان الحاج متمتعا، قصر شعره، وتحلل من إحرامه، وانتظر حتى يأتي يوم التروية (8 ذو الحجة)، وأما القارن والمفرد، فهما على إحرامهما إن قدما مكة قبل يوم التروية.
ثانياً: الطواف بعد دخول مكة المكرمة
وهو طواف القدوم بعد دخول مكة المكرمة تحية لبيت الله الحرام، وهو من أدب الدخول إلى مكة، وهو سنة للحاج والمعتمر وغيرهما. ويختلف طواف القدوم عن طواف الإفاضة كما سيتضح، ويكون الحاج مضطبعا (أي كاشفا عن كتفه).
ثالثاً: السعي بين الصفا والمروة
بعد الانتهاء من طواف القدوم، يخرج الحاج إلى المسعى من باب الصفا، تاليا قول الله تعالى (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناع عليه أن يطوف بهما…الآية). حتى إذا وصل إلى جبل الصفا رقيه. وأخذ في تنفيذ السعي بين الصفا والمروة، وهناك أدعية وأذكار عن النبي في هذا الباب.
رابعاً: يوم التروية بمنى وهو يوم الثامن من ذي الحجة
وتبدأ يوم التروية مناسك الحج، فإذا أصبح يوم التروية، أحرم المتمتع على النحو الذي أحرم فيه بعمرته، وأما المفرد والمقرن فهما على إحرامهما الأول كما أسلفنا. وهنا يخرج الحاج ملبيا إلى منى في وقت الضحى، ويقيم بها يومه وليلته. ويصلي بها خمس أوقات، حتى طلوع شمس يوم عرفة، يوم الحج الأكبر.
خامساً: الوقوف بعرفة يوم (9) ذو الحجة
فإذا كان يوم عرفة ، خرج الحاج من (منى) قاصدا (نمرة) بطريق (ضب) فيقيم بها إلى الزوال (بداية وقت الظهر)، ثم يغتسل ويأتي إلى المسجد (مصلى الرسول صلى الله عليه وسلم) فيصلي مع الإمام الظهر والعصر قصرا وجمع تقديم، ثم يخرج الحاج بعد ذلك إلى جبل عرفات للوقوف بها، وله أن يقف في أي جزء منها. وإن وقف عند الصخرات في أسفل جبل الرحمة وهو موقف الرسول صلى الله عليه وسلم فحسن، وله أن يقف راكبا أو راجلا أو قاعدا يذكر الله تعالى ويدعوه حتى تغرب الشمس، ويدخل جزء يسير من الليل، أفاض في سكينة ملبيا إلى «مزدلفة».
سادساً: المبيت بمزدلفة ورمي جمرة العقبة
ويكون هنا المبيت بمزدلفة، ويستحب عند الدفع إلى مزدلفة، أن يكون بسكينة ووقار، ولا يزاحم الناس، ولكن إن كان هناك يسر في الإسراع أسرع. فإذا وصل إلى مزدلفة صلى المغرب والعشاء بآذان واحد وإقامتين. ولم يصل بينهما شئ، والمبيت بمزدلفة من الواجبات. وإذا تم تركه ففيه دم ويوزع على فقراء مكة.
ومكان الوقوف بمزدلفة هو المشعر الحرام، وهو جبل صغير بالمزدلفة، لكن ليس شرطا الوقوف عنده، ويصح الوقوف في أي موضع من مزدلفة.
ويظل الحاج بمزدلفة. حتى إذا أسفر النهار (نهار يوم عيد الأضحى “يوم النحر”) ، وقبل طلوع الشمس التقط سبع حصيات ليرمي بها جمرة (العقبة)، ثم يندفع إلى منى ملبيا. وإذا وصل محسرا، أسرع في سيره نحو رمية حجر (أي قدر رمية حجر). ولما يصل إلى منى يذهب رأسا إلى جمرة العقبة فيرميها بسبع حصيات.
طريقة الرمي: يرفع يده اليمنى حال الرمي قائلا: الله أكبر، وله أن يزيد “اللهم اجعله حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا.
سابعاً: الهدي والتحلل
وهو المنسك التالي بعد رمي جمرة العقبة، فيذبح الحاج هديه أو له أن ينيب من يذبح عنه إن كان عاجزا، ويذبح في أي مكان أراد. لقوله صلى الله عليه وسلم “نحرت هاهنا و (منى) كلها منحر”، ثم بعد ذلك يحلق أو يقصر. والحلق أفضل، وهنا يكون قد تحلل الحاج التحلل الأصغر، حيث لم يبق محرما عليه شئ إلا النساء. فله أن يغطي رأسه، ويلبس ثيابه، ثم يسير بعد ذلك إلى مكة إن أمكنه ذلك ليطوف طواف الإفاضة.
ثامناً: طواف الإفاضة
وهنا يدخل الحاج إلى المسجد الحرام متطهرا، ويطوف على نحو طواف القدوم إلا أنه لا يضطبع (لا يكشف عن كتفه)، ولا يرمل (لا يسرع في الأشواط الثلاثة الأولى)، وعند إتمام السبعة أشواط صلى ركعتين خلف مقام إبراهيم، وإن كان مفردا أو قارنا، وكان قد سعى بين الصفا والمروة مع طواف القدوم فإن سعيه الأول يكفيه، وأما إن كان متمتعا، خرج إلى المسعى وسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط، وإذا فرغ من سعيه فعندئذ قد تحلل التحلل الكامل. ولا يكون عليه شئ محرم. ثم يعود من يومه إلى (منى) فيبيت بها.
تاسعاً: رمي الجمرات في أيام التشريق الثلاثة
ويبدأ هذا المنسك عند زوال الشمس من أول يوم من أيام التشريق، فيذهب الحاج إلى الجمرات فيرمي الجمرة الأولى، وهي التي تلي مسجد (الخيف). ويرميها بسبع حصيات. واحدة بعد أخرى ويكبر بعد كل حصاة، وعندما يفرغ من رميها يتنحى قليلا فيستقبل القبلة، ويدعو بما يفتح الله عليه به، وهذه تسمى (الجمرة الصغرى). هذا وقد اتفق أهل المذاهب الأربعة «الحنفية والشافعية والحنابلة والمالكية» على أنه لا يجوز ولا يصح رمي الجمرات في أيام التشريق قبل الزوال (الظهر). لأن ذلك مخالف لفعل النبي صلى الله عليه وسلم لقول جابر بن عبد الله: “رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضحى، وأما بعد. فإذا زالت الشمس”.
وأما الجمرة الوسطى، فتكون في ثاني أيام التشريق (الثاني عشر من ذي الحجة). وسميت بالوسطى لأنها بعد الجمرة الأولى (الصغرى). وقبل الجمرة الكبرى (العقبة)، ويكبر الحاج بعد كل حصاة من الحصيات السبعة. ويدعو بعد الفراغ منها.
ثم تأتي الجمرة (الكبرى) في ثالث أيام التشريق بعيدا عن منى وهي التي تلي مكة، وهو رابع أيام عيد الأضحى المبارك ، وتسمى أيضا (جمرة العقبة). ويرمي الحاج هذه الجمرة سبعة وينصرف مباشرة. ولا يقف عندها للدعاء مثل الاولى والثانية.
وبعد الرمي في ثاني أيام التشريق، يجوز للمتعجل الخروج من منى قبل غروب الشمس والتوجه إلى مكة، وإذا لم يتعجل بات ليلته (بمنى). حتى إذا زالت الشمس من اليوم الثالث رمى الجمرات كما تقدم (سبع جمرات)، ثم يرحل إلى مكة.
عاشراً: طواف الوداع وإتمام الحج
وها نحن قد أتينا إلى المنسك العاشر والأخير من مناسج الحج. وطواف الوداع يكون عند العزم على العودة والسفر إلى الأهل، فيطوف طواف الوداع سبعة أشواط، ثم يصلي ركعتين خلف المقام، وينصرف راجعاً إلى أهله. وهو يقول “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد. وهو على كل شئ قدير، آيبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون، لا إله إلا الله وحده. صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده.
